زلات لسان بايدن- ارتباك سياسي أم خرف يقود العالم؟

المؤلف: سعيد السني11.18.2025
زلات لسان بايدن- ارتباك سياسي أم خرف يقود العالم؟

إنّ زلّات اللسان المتكرّرة التي تصدر عن الرئيس الأميركي جو بايدن، قائد الدولة التي تُعدّ الأقوى عالميًا والأكثر تأثيرًا، والشريك الداعم الأكبر لإسرائيل في حربها الشرسة على قطاع غزّة الصامد، تبعث على القلق والتساؤل.

تلك "الزلات" المتتالية لا تعكس فقط ارتباكًا سياسيًا وتخبطًا في المواقف، بل تكشف أيضًا عن العقل الباطن للرئيس، وقد تشير إلى ضعف في القدرات الذهنية نتيجة لتقدمه في العمر (81 عامًا). سلوكه وإدارته للملفات في منطقة الشرق الأوسط أظهرت منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" تسرعًا في الحكم على الأمور.

فالرئيس الأميركي، بدعمه المطلق لإسرائيل، سواء كان ذلك دعمًا معنويًا أو ماديًا أو عسكريًا، قد فتح الباب على مصراعيه لتهديد القواعد العسكرية والمصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أثار موجة غضب واستياء عارمة تجاه "أمريكا" في الأوساط الشعبية العربية والإسلامية، وليس فقط على الصعيد الرسمي.

عدم توسعة الحرب أم استفراد بالفلسطينيين؟

وها هو بايدن يدفع ببلاده، جنبًا إلى جنب مع بريطانيا – الحليف التقليدي لأميركا-، نحو خوض حرب في اليمن، وذلك تحت ذريعة حماية المصالح الإسرائيلية التجارية، ممّا ينذر بتعقيد حركة الملاحة في البحر الأحمر وربما إشعال فتيل حرب إقليمية أوسع، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع "الهدف الأميركي" المعلن، ألا وهو عدم توسيع رقعة الصراع. بينما الهدف الحقيقي، هو منح الكيان الإسرائيلي الضوء الأخضر للانفراد بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومحاولة إبادته وتهجير من تبقى على قيد الحياة، ومنع أي طرف آخر من تقديم الدعم له. إنها الحماقة بعينها، تتجسد في تصرفات رئيس طالما تفوه بكلمات غير مسؤولة.

بايدن ومودي

بالعودة إلى زلات لسان بايدن، نجد آخرها خلال الأسبوع الماضي في مدينة شيكاغو الأميركية، عندما استذكر حوارًا جرى بينه وبين الرئيس الفرنسي الراحل "فرانسوا ميتران" في بريطانيا عام 2021، بينما كان يقصد الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، علمًا بأن الرئيس ميتران قد توفي عام 1996.

لقد سقط بايدن في العديد من الهفوات التي يصعب حصرها، ففي إحدى خطاباته قبل بضعة أشهر، اختتمها بعبارة "حفظ الله الملكة"، وهي العبارة التي عادة ما يختتم بها المسؤولون في المملكة المتحدة خطاباتهم.

كما تحتل الصين مكانةً بارزة في زلات لسان بايدن، ففي إحدى زياراته إلى كندا في العام الماضي، وجّه التحية إلى الصين بدلًا من كندا، أثناء إلقائه خطابًا أمام البرلمان الكندي. وتكرر الأمر في كلمة له خلال حملة لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في شهر يونيو الماضي، عندما أشار إلى صديقه ناريندرا مودي (رئيس الوزراء الهندي) على أنه رئيس وزراء دولة كانت صغيرة وأصبحت الآن أكبر دولة في العالم.. "الصين"، قبل أن يصحح كلامه ويقول إنها الهند.

شيطنة بوتين وحماس

روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين يمثلان أيضًا هاجسًا للرئيس بايدن. فبعد ساعات من هفوته بشأن رئيس الوزراء الهندي مودي، وفي معرض رده على سؤال صحفي حول تمرد مجموعة فاغنر الروسية، صرّح بأن "بوتين يخسر الحرب في العراق"، بينما كان يقصد أوكرانيا.

وفي شهر أكتوبر الماضي، وبعد عملية "طوفان الأقصى"، تحدث بايدن عمّا أسماه "الاستثمار الذكي في أوكرانيا وإسرائيل"، واصفًا بوتين بأنه طاغية ويشبه حماس، الأمر الذي أثار استياء روسيا، معتبرةً أن تمويل الحروب لا يمكن وصفه بأنه استثمار ذكي.

بالإضافة إلى ذلك، عمد بايدن، ربما بسبب حالته الذهنية المتردية، إلى ترويج الأكاذيب حول قيام حماس بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء الإسرائيليات، وتكرار هذه الادعاءات على الرغم من نفيها من قبل البيت الأبيض.

مكنونات العقل الباطن

ما الأسباب الكامنة وراء هذه الهفوات؟ وما الذي تدل عليه؟ لقد اهتم مؤسس مدرسة التحليل النفسي، العالم النمساوي سيغموند فرويد، بدراسة فلتات اللسان وهفوات القلم، حيث رأى أن هناك جانبًا مظلمًا في النفس يُطلق عليه "اللاشعور" أو العقل الباطن، وأن هذا الجانب له تأثير قوي على سلوك الإنسان وقد يكون السبب وراء بعض الاضطرابات النفسية.

تعتبر هفوات اللسان وزلات القلم و نسيان المواعيد بمثابة مسرح للعقل الباطن للتعبير عن محتوياته الدفينة. وحسب فرويد، فإن هذه الهفوات والزلات تحدث دون قصد أو إرادة من الشخص، مما يؤدي إلى تغيير المعنى المقصود للكلام والتسبب في الإحراج، كما هو الحال مع زلات بايدن المتكررة.

فالشخص يتمنى لو لم يقع في هذا الخطأ، كأن يكتب أحدهم لصديقه "أشكر الله على ما أنت فيه من نقمة" بدلًا من "نعمة". وبالمثل، فإن نسيان شخص ما موعدًا مع آخر قد يعكس رغبة داخلية في التهرب أو الفرار من هذا اللقاء.

كراهية دفينة

يرى فرويد أن هذه الزلات تعود غالبًا إلى دوافع لا شعورية سلبية أو إيجابية لا يدركها الشخص المعني، ولكنها مرتبطة بالهفوة، فقد تكون حبًا مكبوتًا أو غيرة أو كراهية غير واعية أو ما شابه ذلك.

وخير مثال على ذلك هو تكرار زلات لسان بايدن بشأن الصين وروسيا، بما في ذلك زلة لسان وقعت في شهر فبراير من العام الماضي أثناء وجوده في العاصمة البولندية وارسو عندما صرح بأن "بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة"، الأمر الذي دفع الرئيس الفرنسي ماكرون إلى التحذير من أن مثل هذه التصريحات خطيرة ومربكة وقد تؤدي إلى تصعيد النزاع.

بالإضافة إلى تفسير فرويد لزلات اللسان، يشير الطب الحديث إلى أن هذه الهفوات قد تدل على بداية تدهور عقلي أو زهايمر محدود، حيث يشرد الشخص للحظات وينتقل ذهنه إلى زمن أو مكان آخر، مما يؤدي إلى زلات اللسان قبل أن يعود إلى وعيه.

وهذا يعني أن العالم يواجه خطرًا عظيمًا عندما يكون شخص مثل بايدن على رأس أقوى دولة في العالم في عصرنا الحالي.

نسأل الله السلامة والعافية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة